حَرْفٌ

هلوسة

فتحت عينيّ باتساعٍ كأن جمجمتي تريد لفظهما؛ شهقت وانكمشت فرائصي. أشعر به يتراجع، حركته البطيئة الرتيبة، أذرعه العديدة التي تشبه جذور شجرة عجوز، رأسه الأسطواني. لم أكن أراه لكنني أشعر به، أشعر بأنفاسه الخافتة التي يصاحبها صوت أزيز منخفض وبعيد، يشهق ويزفر بترتيب شديد. أمعنتُ النظر وعينيّ مازالتا جاحظتين، كنت أنام على جانبي الأيسر بمواجهة الحائط فلا أرى سوى الحائط. لكنني أشعر كأنني أرى عينيه الحادتين المهدِدَتين الخاليتين من الحياة كما نعرفها تتفرسان فيَّ بتمعن أثناء تراجعه عن وجهي، يتراجع إلى الخلف ببطء كأنه حيوان الكسلان، ابتعد الآن عن ذراعيّ الذين أضمهما لصدري بطريقة تلقائية مني لأخبر نفسي بأني في أمان. إبتعد عن جذعي وأنا أعلم أنه ما يزال يحدق فيَّ، حتى وصل لساقيّ ثم سكنت حركته لفترة وجيزة، لم أحرك ساكنًا عدى لساني الذي يلهج بالدعاء والأذكار والآيات، أستحضر وجود الله حولي لأتقوى به بينما كانت غريزة قديمة تهتف بأن لا أحرك ساكنًا. استمر وجوده للحظات على ساقيّ وعينيه اللتين تبدوان كقطرتين من سائل ثقيل مظلم أجهله، لم أتمكن من رؤيتهما في الظلام الدامس، لكنني أشعر بهما. تراجع أخيرا عن قدمي وعاد ليجثم في وكره أسفل سريري ولست أدري متى سيستيقظ مجددًا، لا شك بأنه جائع ولم يستطع أن يأخذ كفايته من الغذاء، بل لم يبدأ وجبته بعد فقد قاطعته عند بدايتها باستيقاظي .. تنفست الصعداء ثم انقلبت إلى يميني مازال لساني يلهج وقلبي يكاد يحطم منزله ليفر من صدري. تناولت هاتفي وبدأت أقلب بلا هدف سوى أن أشتت عقلي عما حدث للتو، ثم غشتني رحمة الرب لأسكن في نومٍ هادئ.

قياسي

أضف تعليق